دخل الإسلام اليمن في عهد مبكر منذ بدأت رسائل النبي محمد بن عبد الله إلى أهل اليمن دعاهم فيها للإسلام وكانت نتيجتها مقولته الشهيرة: " أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة. الإيمان يمان والحكمة يمانية".
ذكر القرآن العديد من القصص، نالت أرض اليمن ورجال اليمن نصيباً كبيراً منها، ومن تلك القصص: قصة أصحاب الجنة، قصة أصحاب الأخدود، إرم ذات العماد، قصة النبي سليمان وملكة سبأ، قصة السيل العرم، قصة ذو القرنين، قصة الفيل وأبرهه ومحاولة هدم الكعبة... وغيرها.
[عدل] اليمن وأهلها في القرآن والسنةتأسست الدولة الإسلامية بداية في يثرب، المدينة المنورة وعلى أيدي رجالها الأوس والخزرج - القبائل اليمنية الشهيرة (الأنصار). لقد جاء في فضل اليمن وأهل اليمن آيات وأحاديث عديدة وكان منهم الحكماء والعلماء والبلغاء، وكان منهم القادة والفاتحون والزعماء والإداريون والأبطال، وكان منهم الولاة. [لفظة تعظيم]
اليمن بلدة طيبة:
- ذكر في القرآن: [لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ] {سبأ: 15}.
قال العلامة الورتلاني في تفسير هذه الآية (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ): "ومن ميزات كلام الله الخلود والإعجاز، وحظ التذكير لنا في هذه الآية أنه من ناحية الخلود يؤخذ أن طيبة هذا البلد أمر مستمر إلى يوم القيامة، ومن ناحية الإعجاز يؤخذ من كلمة (طَيِّبَةٌ): عدم قدرة أحد من الخلق أن يصفها بكلمة واحدة مثلها، مع شمولها لكل ما تنطوي عليه من خيرات نافعة" (1).
يحبهم ويحبونه:
ذكر في القرآن: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] {المائدة: 54}.
ورد في سبب نزول هذه الآية عن عياض الأشعري: «لما نزلت هذه الآية [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] {المائدة: 54} أومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى الأشعري بشيء كان معه، فقال: هم قوم هذا». أخرجه الحاكم (2/ 313)، وابن أبي شيبة في مسنده (12 /125)، وابن جرير في تفسيره (12193)، والطبراني في الكبير (17/371)، وصححه الألباني في الصحيحة (3368). قال الإمام الشوكاني: "إذا عرفت أن هذه الآية نازلة فيهم بهذه الأحاديث فاعلم أنها قد اشتملت على مناقب لأهل اليمن.
الأولى منها: اختصاص أهل اليمن بهذه الميزة العظيمة؛ وهي أن الله سبحانه وتعالى يأتي بهم عند ارتداد غيرهم من قبائل العرب التي هي ساكنة في هذه الجزيرة على اختلاف أنواعها وتباين صفاتها، فإن ذلك لا يكون إلا لمزيد شرفهم، وأنهم حزب الله عند خروج غيرهم من هذا الدين.
المنقبة الثانية: قوله عز وجل: (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) فليس بعد هذه الكرامة والتشريف من الله سبحانه شيء، فإن من أحبه الله قد سعد سعادة لا يماثله سعد، وشرف شرفاً لا يقاس به شرف، وفاز فوزاً لا يعادله فوز، وأكرم كرامة لا تساويها كرامة.
المنقبة الثالثة: قوله: (وَيُحِبُّونَهُ): وهذه كرامة جليلة، ومنقبة جميلة، فإن كون العبد الحقير محباً لربه -عز وجل- هي الغاية القصوى في الإيمان الذي هو سبب الفوز بالنعيم الدائم، وسبب النجاة من العذاب الأليم، ومن عظم محبة الله -عز وجل- ودلائل صحتها: اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، والاقتداء به، والاهتداء بهديه الشريف.
قال الله عز وجل: [قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ..] {آل عمران: 31} فمن أحب الله واتبع رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فاز بحب بالله -عز وجل- له، وبمحو ذنوبه وارتفاع درجته بين عباد الله المؤمنين.
المنقبة الرابعة: قوله: (أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ) {المائدة: 54} فإن الذلة لأهل الإيمان من أشرف خصال المؤمنين، وأعظم مناقبهم، وهو التواضع الذي يحمده الله -عز وجل [لفظة تعظيم]، ويرفع لصاحبه الدرجات، وفي ذلك الخلوص من معرة كثيرة من خصال الشر، التي من جملتها الكبر والعجب.
المنقبة الخامسة: قوله -عز وجل [لفظة تعظيم]-: (أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ) {المائدة: 54} فإن ذلك هو أثر الصلابة في الدين والتشدد في القيام به، والكراهة لأعدائه، والغلظة على الخارجين عنه.
المنقبة السادسة: قوله سبحانه وتعالى: (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) {المائدة: 54} فإن الجهاد هو رأس الواجبات الشرعية، وبه يقوم عماد الدين، ويرتفع شأنه، وتتسع دائرة الإسلام، وتتقاصر جوانب الكفر، ويهدم أركانه.
المنقبة السابعة: قوله -عز وجل-: (وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) {المائدة: 54} وهذا هو شأن الإخلاص والقيام لله -عز وجل-، وعدم المبالاة بما يخالف الحق، ويباين الدين. وجاء بالنكرة في سياق النفي، فيشمل كل لائمة تصدر من أي لائم كان، سواء كان جليلاً أو حقيراً، قريباً أو بعيداً.
وما أدل هذه المنقبة على قيامهم في كل أمر بمعروف أو نهي عن منكر، القيام الذي لا تطاوله الجبال، ولا تروعه الأهوال.
ولما جمع الله -عز وجل- لهم هذه المناقب في هذه الآية الشريفة نبههم على عظيم العطية، وجليل الإحسان فقال: (ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) {المائدة: 54}.
ففيه تلميح إلى أنه قد جمع لهم من فضله ما لم يتفضل به على غيرهم من عباده، وكأن ذلك كالجواب على من رام أن يحصل له ما حصل لهم من هذه المناقب العظيمة أو نافسهم فيها، أو حسدهم عليها".اهـ. باختصار يسير القول الحسن في فضائل أهل اليمن للشوكاني (صـ33- صـ40).